سورة النازعات - تفسير تفسير البغوي

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (النازعات)


        


قوله عز وجل: {يَوْمَ تَرْجُفُ الرَّاجِفَةُ} يعني النفخة الأولى، يتزلزل ويتحرك لها كل شيء، ويموت منها جميع الخلائق. {تَتْبَعُهَا الرَّادِفَةُ} وهي النفخة الثانية ردفت الأولى وبينهما أربعون سنة.
قال قتادة: هما صيحتان فالأولى تميت كل شيء، والأخرى تحيي كل شيء بإذن الله عز وجل.
وقال مجاهد: ترجف الراجفة تتزلزل الأرض والجبال، تتبعها الرادفة حين تنشق السماء، وتُحمل الأرض والجبال فدكتا دكة واحدة وقال عطاء: {الراجفة} القيامة و{الرادفة} البعث. وأصل الرجفة: الصوت والحركة.
أخبرنا أحمد بن إبراهيم الشريحي، أخبرنا أحمد بن محمد بن إبراهيم الثعلبي، أخبرني ابن فنجويه، حدثنا عبد الله بن يوسف بن أحمد بن مالك، حدثنا محمد بن هارون الحضرمي، حدثنا الحسن بن عرفة، حدثنا قبيصة بن عقبة، عن سفيان الثوري، عن عبد الله بن محمد بن عقيل، عن الطفيل بن أبي بن كعب، عن أبي بن كعب قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا ذهب ربع الليل قام، وقال: «يا أيها الناس اذكروا الله، اذكروا الله جاءت الراجفة تتبعها الرادفة، جاء الموت بما فيه، جاء الموت بما فيه».


{قُلُوبٌ يَوْمَئِذٍ وَاجِفَةٌ} خائفة قلقة مضطربة، وسمي الوجيف في السير، لشدة اضطرابه، يقال: وجف القلب ووجب وجوفًا ووجيفًا ووجوبًا ووجيبًا. وقال مجاهد: وجلة. وقال السدي: زائلة عن أماكنها، نظيره {إذ القلوب لدى الحناجر} [غافر- 18]. {أَبْصَارُهَا خَاشِعَةٌ} ذليلة، كقوله: {خاشعين من الذل} [الشورى- 45] الآية. {يَقُولُونَ} يعني المنكرين للبعث إذا قيل لهم إنكم مبعوثون من بعد الموت: {أَئِنَّا لَمَرْدُودُونَ فِي الْحَافِرَةِ} أي: إلى أول الحال وابتداء الأمر، فنصير أحياءً بعد الموت كما كنا؟ تقول العرب: رجع فلان في حافرته، أي رجع من حيث جاء، والحافرة عندهم اسم لابتداء الشيء، وأول الشيء.
وقال بعضهم: {الحافرة} وجه الأرض التي تحفر فيها قبورهم، سميت حافرة بمعنى المحفورة، كقوله: {عيشة راضية} أي مرضية.
وقيل: سميت حافرة لأنها مستقر الحوافر أي أئنا لمردودون إلى الأرض فنبعث خلقا جديدًا نمشي عليها؟ وقال ابن زيد: {الحافرة} النار. {أَئِذَا كُنَّا عِظَامًا نَخِرَةً} قرأ نافع، وابن عامر، والكسائي، ويعقوب: {أئنا}؟ مستفهمًا، {إذا} بتركه، ضده أبو جعفر، الباقون باستفهامهما، وقرأ حمزة، والكسائي، وأبو عمرو: {عظامًا ناخرة}، وقرأ الآخرون {نخرة} وهما لغتان، مثل الطمع والطامع والحذر والحاذر، ومعناهما البالية، وفرّق قوم بينهما، فقالوا: النخرة: البالية، والناخرة: المجوفة التي تمر فيها الريح فتنخر، أي: تصوّت. {قَالُوا} يعني المنكرين {تِلْكَ إِذًا كَرَّةٌ خَاسِرَةٌ} رجعة خائبة، يعني إن رددنا بعد الموت لنخسرن بما يصيبنا بعد الموت.


قال الله عز وجل: {فَإِنَّمَا هِيَ} يعني النفخة الأخيرة {زَجْرَة} صيحة {وَاحِدَةٌ} يسمعونها. {فَإِذَا هُمْ بِالسَّاهِرَةِ} يعني: وجه الأرض، أي صاروا على وجه الأرض بعدما كانوا في جوفها والعرب تسمي الفلاة ووجه الأرض: ساهرة. قال بعض أهل اللغة تراهم سموها ساهرة لأن فيها نوم الحيوان وسهرهم. قال سفيان: هي أرض الشام وقال قتادة: هي جهنم قوله عز وجل: {هَلْ أتَاكَ حَدِيثُ مُوسَى} يقول: قد جاءك يا محمد حديث موسى. {إِذْ نَادَاهُ رَبُّهُ بِالْوَادِي الْمُقَدَّسِ طُوًى} فقال يا موسى {اذْهَبْ إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى} علا وتكبر وكفر بالله. {فَقُلْ هَلْ لَكَ إِلَى أَنْ تَزَكَّى} قرأ أهل الحجاز ويعقوب بتشديد الزاي: أي تتزكى وتتطهر من الشرك، وقرأ الآخرون بالتخفيف وأصله تتزكى فأدغمت التاء الثانية في الزاء في القراءة الأولى وحذفت في الثانية، ومعناه تتطهر من الشرك أي: تسلم وتصلح، قال ابن عباس: تشهد أن لا إله إلا الله. {وَأَهْدِيَكَ إِلَى رَبِّكَ فَتَخْشَى} أي: أدعوك إلى عبادة ربك وتوحيده فتخشى عقابه. {فَأَرَاهُ الآيَةَ الْكُبْرَى} وهي العصا واليد البيضاء.

1 | 2 | 3